التخطي إلى المحتوى

 

كشفت مصادر مطلعة أن قمة ثلاثية على مستوى القادة ستُعقد بين مصر والعراق والأردن، الأحد المقبل، في العاصمة العراقية بغداد، وسط توقعات بأن يناقش القادة مشروع “الشام الجديد” ذي الطبيعة الاقتصادية والاستثمارية.

وتُعقد القمة التي وصفها مراقبون بـ”الإستثنائية” بحضور رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

وتأتي القمة المرتقبة تطبيقا لما تم الاتفاق عليه في قمة أغسطس الماضي بالعاصمة الأردنية عمان، التي شارك فيها القادة الثلاثة.

الشام الجديد

ويتوقع خبراء ومحللون أن يتصدر مشروع “الشام الجديد” المشترك بين مصر والأردن والعراق القمة الثلاثية، بما يشمله من تعاون في مجالات اقتصادية واستثمارية بين الدول الثلاث، فضلا عن أنه مرشح لضم دول عربية أخرى.

وكان الكاظمي أطلق تعبير “الشام الجديد”، لأول مرة خلال زيارته للولايات المتحدة أغسطس الماضي، وقال حينها لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركي إنه يعتزم الدخول في مشروع استراتيجي يحمل هذا الاسم، موضحا أنه مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات.

ويقول الخبير الاستراتيجي العراقي حسين الجاسر,إن فكرة “الشام الجديد” ليست وليدة اللحظة، وإنما طُرحت خلال ولاية رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، إلى أن عزمت حكومة الكاظمي على إكماله لما يحمله من مكاسب اقتصادية”.

ويضيف الجاسر أن مشروع “الشام الجديد” يقوم على أساس التفاهمات والمصالح الاقتصادية في المقام الأول بين العراق ومصر والأردن.

وتابع: “المشروع يعتمد على الكتلة البشرية الضخمة لمصر، مقابل الثروة النفطة الضخمة التي يمتلكها العراق، وتنضم لهما الأردن بحكم موقعها الجغرافي الذي يربط العراق بمصر”.

وذكر الخبير العراقي: “من المرجح أن يكون الشام الجديد نواة لتكتل أوسع، قد يضم قريبا دول عربية أخرى، بهدف ترجيح دول الاعتدال بالمنطقة، في ظل تصاعد وتيرة العنف والتطرف جراء دعم دول إقليمية للحركات الراديكالية والتيارات المتطرفة ببلادنا العربية”.

ويوضح الجاسر أنه من الوارد أن نرى من العام القادم شرق جديد على أثر الشام الجديد، وحينها سيكون العامل الأول في ذلك التطور المرتقب هو الاقتصاد، فهناك مشروعات ضخمة مطروحة بين دول الخليج والشام الجديد لم تظهر للعلن بعد.”

مشروعات ضخمة

ويقول الصحفي والمحلل السياسي الأردني، عبد الله الحديدي”، إن فكرة مشروع الشام الجديد تأسست على هامش عدة مشروعات اقتصادية ضخمة، في مقدمتها تنشيط خط نفط من البصرة الذي يصل إلى سيناء المصرية، عبر الأراضي الأردنية.”

ويضيف الحديدي أنه على أثر الخط النفطي تحصل مصر والأردن على تخفيضات تصل 16 دولار على البرميل، بينما تستورد العراق الكهرباء من مصر والأردن، إضافة إلى استقطاب بغداد للاستثمارات من البلدين.

ويتابع الحديدي: “هناك ترابط سياسي بين دول المحور الجديد في ظل التحديات التي تواجه الدول الثلاث معا، وفي مقدمتها مجابهة الإرهاب، فالدول الثلاث لها باع طويل في محاربة التطرف الفكري، والعنف المسلح.”

خريطة جديدة

ويؤكد رئيس “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية” محمد محسن أن مشروع الشام الجديد لا يمكن إختزاله في أنبوب نفط فقط، أو مشروع اقتصادي مهما بلغ حجمه.

ويضيف محسن، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “مشروع الشام الجديد يحمل في داخله خريطة جيوسياسية جديدة لمنقطة الشام ككل، بعد أن وسّع مشروع الشام الجديد رقعة مساحة الشام الجغرافية كي تشمل دولة بحجم مصر.”

ويلفت محسن إلى أن المشروع يربط مصر بدول الشام جغرافيا قبل أن يكون ربطا اقتصاديا عبر شبه جزيرة سيناء، التي تشهد حالياً تنمية شاملة، وهو ما يعكس تأثير ذلك المشروع على خرائط القوى والنفوذ بمنطقة الشرق الأوسط.”

الثقة في العراق

وفي ظل استعداد بغداد لإستقبال قمة “الشام الجديد”، يكشف أستاذ العلاقات الدولية العراقي علي المهدي، أن بغداد تحاول بكل قوة التواجد على الصعيد السياسي الدولي من جديد.

ويقول المهدي  إن زيارة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان لبغداد، وبقائه بها عدة أيام، وتجوله من محافظة لأخرى، أكسب العراق على المستوى السياسي والامني ثقة كبيرة في القدرة على إستقبال القمم، وتأمين حركة الوفود الكبيرة.”

ويضيف المهدي أنه بعد تخوفات شديدة لدى الشعب العراقي من حدوث أي عمل إرهابي خلال زيارة البابا، تمت بنجاح، وبعد المستوى التنظيمي الذي أشاد به وفد البابا، أستعاد العراقيون جزء كبير من ثقتهم في دولتهم”.

ويتابع المهدي أن مثل هذه القمم تعيد العراق للساحة الدولية مجدداً، وتضفي الثقة لدى المواطن العراقي تجاه مؤسسات بلاده، وتشعر أبناء العراق بضرورة وأهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة.