جمعة يكشف عن منهج العناصر التكفيرية في التلاعب بمصطلحات الشرع
كتب : د. احمد عبد الرحيم
رد الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، على تسجيل لأحد العناصر التكفيرية، يقول فيه: ” إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليما ويستبدل قومًا غيركم ولا تضروه شيئًا، آه لو أملك أنفسًا بعدد شعر رأسي فأرسلها إلى مآذن المساجد في ديار المسلمين لتنادي في الناس من يوم الجمعة “يا من لبيتم حي على الصلاة لا خير فيكم إن خذلتم حي على الجهاد، فإلى متى يبقى حب الجهاد محفوظًا في أحلام اليقظة”.
وقال «جمعة» في ثاني حلقات حملة «حصن نفسك ضد أكاذيب مرتزقة ابليس» إن الإمام البخاري روى في صحيحه عن عبد الله بن عمر- رضى الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: « من حمل علينا السلاح فليس منا»، مؤكدا “لقد تلاعب الخوارج بمسميات الشرع فسموا الفساد جهادًا والقتل قتالًا”.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن المنافقين فعلوا هذا من قبل فاحذر الله – سبحانه وتعالى- منهم حين قال: « وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ»، ( سورة التوبة: الآية 107).
وأضاف المفتي السابق أن هذه العناصر تتلاعب بالمصطلحات، فالمسجد أصبح مكانًا لحرب الله ورسوله، مستعملين في هذا منهج التلبيس والتدليس، والله – تعالى- يقول في ذلك: «لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ» ( سورة آل عمرآن: الآية 71).
ونبه على أن تلبيس الحق بالباطل صفة متأصلة في المنافقين منذ عهد النبي – صلى الله عليه وسلم-، وكشفهم الله وجعل الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوي، فلديهم نية الزعامة والاستيلاء على الحكم ومنازعة الأمر أهله، مؤكدًا: الله -سبحانه وتعالى- هو من يعطى الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء؛ فأتبعوا رسول الله ولا تتبعوا أسافل الخلق.
وفي ذات السياق، رد الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، في أولى حلقات حملة: « حصن نفسك ضد أكاذيب مرتزقة ابليس» على قول لأحد العناصر التكفيرية، مضمونه: ” من زعم أن تغير المنكر وإحقاق الحق ورفع الظلم يكون بالدعوة السلمية بلا قتال ولا دماء، فقد زعم أنه أعلم وأرأف من النبي – صلى الله عليه وسلم- قال – تعالى: ” كتب عليكم القتال وهو كره لكم”، وقال أيضًا: ” وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله”، وقال -سبحانه-: ” وقاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة”.
وتساءل «جمعة» من يفسر كتاب الله – سبحانه وتعالى- رسول الله أم هؤلاء الخوارج الذين لا يعلمون عن أمر أنفسهم شيئًا، يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: « الخوارجُ كلابُ أهلِ النارِ»، ورى عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « الْخَوَارِجُ كِلَابُ النَّارِ»، صححه الألباني في “صحيح ابن ماجة”.
وأفاد عضو هيئة كبار العلماء أن الإمام البخاري روى عن ابن عمر – رضى الله عنهما – أن رجلًا جاءه فقال: « يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع قول الله – تعالى-: « وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ..»، فما منعك أن تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟، قال يا ابن أخي: لا أقاتل أحب إليّ من أن أقع في قوله – تعالى-: « وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا».
وتابع المفتي السابق: قال فإن الله يقول: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ» قال ابن عمر: قد فعلنا ذلك على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- إذ كان الإسلام قليلًا، فكان الرجل يفتن في دينه إما يقتلوه وإما يوثقوه، حتي كثر الإسلام أي انتشر فلم تكن فتنة، لافتًا: هذا هو الفرق بين الفهمين، فهم العلماء والعوام، وهذا النور الذي رباه النبي – صلى الله عليه وسلم- في قلوب أصحابه، ينتقل إلينا عبر العصور حتي نعلم الطالح من الصالح، والمفسد من المصلح، ولا يسعنا إلا أن نقول: “حسبنا الله ونعم الوكيل”.