وبحسب موقع الليرة السورية المختص في متابعة صرف العملات الأجنبية والمعادن، فقد سجل شراء الدولار بـ3800 ليرة وبيع بـ3900، أي بفارق 1.02 في المئة، أما اليورو فبلغ 4481 ليرة للشراء و4604 للمبيع، بفارق 1.29 في المئة.
ولم تسعف إجراءات دمشق من أجل تحسين الليرة، وقف الأسعار الجنونية التي أنهكت كاهل المواطنين، لا سيما العاملين في المؤسسات الحكومية .
أكدوا مواطنون في دمشق أن أسعار المواد الغذائية والخضار والفاكهة واللحوم ارتفعت أكثر بالمقارنة مع أسعارها، أثناء ارتفاع الدولار إلى 4800 ليرة .
الكيلوغرام الواحد من التفاح والبرتقال، مثلا، يباع ب2500 ليرة سورية بينما كان بـ2000 ليرة أثناء ارتفاع الدولار، فيما يباع كيلو الموز ب 4500، علما بأن سعره كان يناهز 3500 ليرة.
ومع صعود الدولار، ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد من لحم العجل إلى 18 ألف ليرة، وعندما تحسن الصرف لم ينعكس ذلك إيجابا، بل صعد إلى 20 ألف ليرة.
وهذا الأمر ينطبق أيضا على السمك الذي كان الكيلوغرام الواحد منه بـ4 آلاف ليرة، وعندما تحسن سعر صرف الليرة، ارتفع إلى 5 آلاف ليرة.
وعزت مصادر محلية من دمشق لـ”سكاي نيوز عربية”، أسباب ارتفاع الأسعار وعدم انخفاضها مع تحسن سعر الليرة إلى ضعف الرقابة واحتكار عدد محدد من التجار للسلع وتحكمهم بالأسعار .
وبدوره، ندد الخبير الاقتصادي، سنان علي ديب، بضعف إجراءات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ودورها “السلبي” أمام ظاهرة رفع الأسـعار، مضيفا أن هذا النهج يشجع فوضى الأسعار “فطالما لم يكن هناك رادع لرفع الأسـعار، لا توجد قوة تجبر التجار على خفض الأسعار”.
وأدت سنوات الأزمة السورية إلى انكماش تراكمي واسع في الناتجين الاجمالي والمحلي، وخسائر قدرتها مؤسسة الرؤية العالمية “وورلد فيجن” بـ1.2 تريليون دولار.
ويبين الخبير الاقتصادي السوري، العميد السابق لكلية إدارة الأعمال في الجامعة العربية الدولية، مهيب صالحة، أن “نسبة السوريين في الداخل الذين صاروا تحت خط الفقر تتجاوز كثيراً النسبة التي قدرتها الأمم المتحدة ب 60 في المئة لتبلغ 90 في المئة على أقل تقدير”.
وأوضح أنه “وفق المقياس الأممي؛ كل فرد لا يتجاوز دخله اليومي الدولارين أي حوالى 750 دولاراً سنوياً هو تحت خط الفقر ونسبة 90 في المئة منطقية، وهي نتيجة طبيعية لحرب داخلية مدمرة منذ عشر سنوات، ولسوء إدارة الاقتصاد الوطني وتفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري، خاصة فساد السياسات وفساد كبار المتنفذين والمتمولين والتجار”.
وأشار الأكاديمي السوري في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”، إلى أن الاقتصاد السوري يتعرض لأزمات متلاحقة سرعان ما تتحول إلى كوارث، معللا سببها بغياب آلية لاستراتيجية فعالة لوقف الانهيار أو معالجة الأزمات، وفي الوقت نفسه ترك خسائر الاقتصاد المباشرة وغير المباشرة تتدحرج ككرة ثلج حتى تجاوزت تريليون دولار، طالت جميع القطاعات دون استثناء .
ويشير إلى دور البنك المركزي وتوقفه عن التدخل المباشر وغير المباشر لدعم استقرار سعر الصرف وتعويم الليرة السورية واعتماد سياسة تعدد أسعار الصرف بين الرسمي 438 ليرة للدولار والسعر الترجيحي 700 ليرة ثم 1256 وسعر البدلات 2525 وسعر السوق المنفلت من عقاله وذلك لكي يستحوذ على الفروقات بين هذه الأسعار “.
وأوضح أن هذه العوامل انعكست على تباطؤ عجلة الإنتاج وتدهور سعر صرف الليرة ودفع فواتير أعباء الحرب والتدخل الخارجي على المستوى المعيشي لغالبية السكان وانزلاقهم إلى ما دون خط الفقر.
ويرى الخبير الاقتصادي، أن الأسعار زادت بأكثر من 40 و50 ضعفاً بينما الرواتب والأجور لم تتجاوز زيادة من 4 أو 5 أضعاف “لا يتجاوز متوسط الدخل الشهري للعاملين في الدولة وفي قطاع الأعمال 60 و70 ألف ليرة سورية بينما تحتاج أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص إلى ما لا يقل عن 600 ألف ليرة لتأمين أبسط مقومات الحياة اليومية، أي هنالك عجز في ميزانية الأسرة السورية الشهرية لا يقل عن 500 ألف ليرة”.
وأضاف أنه من الطبيعي أن يؤدي هذا الوضع إلى مشاكل اجتماعية خطيرة تتجسد بداية في تفشي مظاهر اقتصاد الظل من تهريب السلع والأموال والأشخاص والمتاجرة بالسلع الأساسية كالخبز والوقود والأعلاف وبيع المساعدات الغذائية وتجارة المخدرات والسجائر والمشروبات الكحولية المهربة والسلع التي يمنع استيرادها، علاوة عن انتشار ظاهرة عمل الأطفال والأحداث بأجور زهيدة.
ومن جانبه قال الباحث الاقتصادي، محمد عبد الرحيم، إن التنمية الاقتصادية متوقفة منذ بداية الحرب في سوريا وانهيار كامل بناها التحتية، ونزوح العديد من العناصر والكفاءات والخبرات إلى الخارج، فزادت البطالة بين السكان بسبب توقف الأنشطة الاقتصادية وندرة فرص العمل مع قلة جودة الخدمات المقدمة، وهذا التحول سيدفع المزيد من السوريين تحت عجلة الفقر بعد انهيار الليرة السورية.
وأشار عبد الرحيم في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”، إلى أن الحلول الجذرية تأتي أولاً من الداخل السوري بحوار وطني لإنهاء وتسوية كافة المشاكل العالقة وقال ” لابد للدول العربية أن تحاول إيجاد حلول سريعة والتحرك لإنقاذ الوضع الاقتصادي والإنساني في سوريا، والإسراع في وضع برامج بتمويل عربي ودولي للبنية التحتية لإعادة الاقتصاد مرة أخرى، ولابد أيضا من عقد مؤتمر اقتصادي دولي حول إعادة الإعمار في سوريا، لبحث كيفية تطبيق ذلك “.
وإلى جانب التكلفة الاقتصادية، عصفت بسوريا أزمة اجتماعية هي الأسوأ إقليميا وعالمياً بحسب تقديرات الأمم المتحدة، والتي أشارت في أحدث تقرير لها إلى أن المجاعة تهدد 12 مليون سوري، ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يتجاوز أكثر من ذلك مع تذبذبات صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.