عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ونظيره الأردنى الدكتور بشر الخصاونة، مؤتمرا صحفيا، فى ختام المباحثات الثنائية الموسعة التى عقدت فى وقت سابق، اليوم، بالعاصمة الأردنية عمّان، وضمت وفدى البلدين.
وخلال كلمته، تقدم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بخالص الشكر والتقدير إلى الدكتور بشر الخصاونة، رئيس وزراء الأردن، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التى لمسها جميع أعضاء الوفد المصرى منذ اللحظة الأولى لوصولهم العاصمة عمان، وجعلتهم يشعرون أنهم لم يغادروا القاهرة، بل إنهم فى بلدهم الثانى الأردن.
وتحدث الدكتور مصطفى مدبولى عن أعمال الدورة الـ 29 للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة التى جرت أعمالها اليوم، مؤكدا أنها من أهم اللجان الدورية التى تعقد ما بين الدولتين، حيث تحرص دائما كل من مصر والأردن على انتظام عقدها، وتفعيل آلية جميع الوثائق ومذكرات التفاهم التى توقع على هامش هذه اللقاءات، وذلك انطلاقا من العلاقات الوطيدة والوثيقة التى تربط بين شعبى وحكومتى البلدين، والقيادة السياسية فى الدولتين، جلالة الملك عبد الله الثانى بن الحسين، والرئيس عبد الفتاح السيسي.
كما أشار رئيس الوزراء إلى أن هذه العلاقات الوطيدة تنعكس بصورة إيجابية على التواصل المستمر والتنسيق الكامل بين الدولتين فى هذه الظروف الاستثنائية، التى يشهدها العالم، المتمثلة فى أزمة جائحة كورونا، التى فرضت نفسها على دول العالم، واستحدثت مستجدات وتحديات وصعابا كثيرة، جعلت الدول المتقدمة ذاتها تواجه مشكلات عديدة بسبب تداعياتها السلبية.
كما نوّه مدبولى إلى أنه فى ضوء الإمكانيات المتوافرة بالدولتين، تحرص الحكومتان على بذل أقصى جهد للتعامل مع هذه الجائحة شديدة القسوة، لافتا إلى أن الوضع فى الدولتين أفضل كثيراً، الحمد لله حتى هذه اللحظة، من كثير من بلدان متقدمة تمتلك منظومات صحية أكثر ثباتاً واستقراراً وإمكانيات عالية، وذلك نتيجة حجم الضغط الهائل الذى تتعرض له الموارد الاقتصادية والذى يفرض نوعا معينا من تعامل الحكومات مع هذه الجائحة، التى تصفها كافة المؤسسات الدولية بأنها الأكثر قسوة على العالم منذ ما يزيد على 100 عام.
وفى الوقت نفسه، لفت رئيس الوزراء إلى أن هذا الوضع يفرض علينا أن نكون مدركين تماما لحجم التحدى الكبير الذى يواجه البلدان على مستوى العالم، والمنطقة على وجه الخصوص التى بدورها تواجه تحديات أخرى، وهو الأمر الذى يدفعنا طبقاً لتوجيهات القيادة السياسية فى الدولتين، لتوطيد أطر التعاون والتنسيق التام ما بين الحكومات، ممثلة فى رؤساء الحكومات، أو الوزراء المعنيين، مؤكدا أن هناك تواصلا ثنائيا كاملا، لا يتم من خلال القنوات الدبلوماسية فحسب، بل عبر الاتصال بصورة مباشرة أيضا.
كما أكد الدكتور مصطفى مدبولى أن اجتماع اللجنة المشتركة، اليوم، شهد التأكيد على قيام الوزراء فى الجانبين بعقد لقاءات ثنائية، لحل أية مشاكل قد تطرأ على أى مُستجد فى العلاقات بين الدولتين بصورة مباشرة، مضيفاً أن الاجتماع شهد كذلك مناقشة العديد من مجالات التعاون الثنائى فى مجالات: النقل، وتبادل السلع التجارية بين الدولتين، كما تم تأكيد حرص الدولتين خلال المرحلة المقبلة على زيادة وتعميق مجالات التبادل التجارى بين البلدين، مع وضع أسس لمضاعفته عقب انقضاء جائحة كورونا، وذلك مع الشقيقة الثالثة دولة العراق، لافتا إلى أن اجتماع اليوم شهد كذلك مناقشة آلية التعاون الثلاثي، بين مصر والأردن والعراق، منوها إلى أنه من المرتقب عقد قمة ثلاثية خلال الفترة المقبلة، ولذا فقد تمت مناقشة العديد من المشروعات المهمة التى سيستعرضها ويعلنها زعماء الدول الثلاث خلال هذه القمة المرتقبة.
كما نوه رئيس الوزراء إلى أنه شرف، اليوم، فى معية نظيره الأردني، بلقاء جلالة الملك عبد الله الثانى بن الحسين، حيث نقل لجلالته رسالة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التى تضمنت تمنياته بكل الدعم وكل الخير والبركة للملكة الأردنية الهاشمية تحت حكمه الرشيد، كما أبلغه أيضاً دعم جمهورية مصر العربية لشقيقتها المملكة الأردنية فى أى مطالب تخص الجانب الصحي، أو أية جوانب أخرى، لافتا إلى أن رسالة الرئيس السيسى شددت كذلك على الظروف الاستثنائية التى تمر بها منطقتنا من كافة المستجدات، التى تفرض على البلدين العمل الثنائى والتنسيق الكامل خلال هذه المرحلة الدقيقة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولى أن جلالة الملك عبد الله الثانى تفضل بالإشارة خلال اللقاء إلى دعمه الكامل لكل القضايا المصرية، وتأكيده أن الأمن القومى المصري، هو نفسه الأمن القومى الأردني، وأن أية قضايا تمس أيا من الدولتين تنعكس سلبا على الدولة الأخرى، كما تم التأكيد على تطابق موقف الدولتين فى جميع القضايا، والتى من بينها القضية الفلسطينية والتى تتضمن التمسك بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك فيما يخص جميع القضايا الإقليمية التى تشهدها منطقتنا، مؤكداً أن جلالة الملك حمله رسالة إلى أخيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، باستمرار الدعم الكامل من المملكة الأردنية فى كل القضايا التى تمس الأمن القومى المصري، وعلى رأسها قضية سد النهضة، ودعم الأردن الكامل لمصر فى هذا الملف.
وفى ختام كلمته، جدد رئيس الوزراء الشكر لنظيره الأردنى على إتاحة الفرصة له على المستوى الشخصى ليكون فى العاصمة الجميلة عمان، التى يُسعده دائماً التواجد فيها، لافتا إلى أنه تم التوافق على استمرار آلية اللقاءات الثنائية على مستوى الوزراء ورؤساء الحكومات خلال المرحلة المقبلة، من أجل المزيد من ترسيخ وتقوية العلاقات بين البلدين بإذن الله.
من جانبه، استهل الدكتور بشر الخصاونة، رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية، كلمته بالترحيب بالدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والوفد الوزارى رفيع المستوى المرافق له، خلال زيارتهم اليوم للمملكة، وترأسه الوفد المصرى فى اجتماعات الدورة الـ 29 للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، مشيراً إلى أن هذه اللجنة دائما ما تبحث السبل الكفيلة للارتقاء بالعلاقات الاستراتيجية والعميقة بين البلدين الشقيقين، اللذين تجمعهما علاقة استثنائية ونموذجية على مستوى القيادتين المتمثلتين فى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، وجلالة الملك عبدالله الثانى بن الحسين، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، والوزراء والمسئولين وكافة المؤسسات فى الجانبين، وأيضاً على المستوى الشعبي، إلى جانب الأواصر والعلاقات الأخوية التى تربط البلدين، لافتا إلى أن العلاقات المصرية الأردنية تُعد نمطاً للعلاقات النموذجية المثالية التى يتعين أن يكون عليها العلاقات بين الأشقاء جميعاً.
ونوه الدكتور بشر الخصاونة إلى أن اجتماعات، اليوم، للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة شهدت التوقيع على عدد من وثائق التعاون فى بعض المجالات، منها ما يتعلق بالربط الكهربائى والموارد المائية والاتصالات، ومنها ما يتعلق بتبادل الخبرات فى التخطيط، والآثار والإسكان والتطور الحضري، وغيرها من المجالات الأخرى.
وتطرق الخصاونة إلى استقبال العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى بن الحسين، للدكتور مصطفى مدبولي، بقصر الحسينية، اليوم، الذى نقل لجلالته رسالة شفهية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، مجددا التأكيد أن العلاقات المصرية الأردنية المتميزةترتكز على اننا دائماً فى مركب واحد، وان اصطفافنا وتطابق وجهات النظر فيما يتعلق بالقضايا السياسية، وكذا الخاصة بالأمن القومى لأى من القطرين الشقيقين، والأمن القومى العربى بشكل عام، يعد اصطفافا واحدا، مشدداً فى الوقت نفسه على المواقف المتطابقة الخاصة بالقضية الفلسطينية، والتى تعتمد على أن غياب الحل العادل والشامل لهذه القضية من شأنه استمرار أسباب التوتر فى المنطقة، مشيراً إلى أن الحل الوحيد لها هو حل الدولتين الذى تقوم بمقتضاه الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على التراب الوطنى الفلسطينى على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وبما يضمن أن تعيش هذه الدولة المستقلة بأمان مع مختلف دول وشعوب المنطقة بأكملها، وتؤسس لحالة من الاستقرار الإقليمي.
كما أكد الخصاونة أن الأمن القومى المصرى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى للمملكة الأردنية الهاشمية، لافتا إلى المساندة الكاملة للموقف المصرى فى مختلف القضايا المحورية المصرية، والتى من بينها ما يتعلق بقضية سد النهضة، والمقترحات المطروحة للوصول إلى حلول تتعلق بهذه القضية وفق التصور المصري، الذى يمثل مقاربة حصيفة لتسوية هذه القضية دون المساس بحقوق الدول المتشاطئة، وخصوصاً جمهورية مصر العربية الشقيقة، مجدداً التأكيد على تطابق مواقف الدولتين الخاصة بمختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وأشار الخصاونة إلى أن المباحثات التى عقدت اليوم تناولت الآلية الثلاثية التى تجمع بين مصر والأردن والعراق، والتى كان آخر اجتماعات القمة لقادتها وباقى الاجتماعات فى شهر أغسطس من العام الماضي، حيث استضافها جلالة الملك عبد الله الثانى فى العاصمة عمّان، وحضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، والسيد مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، وتم الاتفاق على هذه الآلية الثلاثية لتبدأ بوجود سكرتارية دائمة انتقالية تحتضنها وزارة الخارجية فى الدولة التى تستضيف القمة، معلنا أن هناك قمة قريبة ستعقد لهذه الآلية الثلاثية، مثلما تستضيف عمّان اليوم الوزراء المصريين والأردنيين والعراقيين؛ وذلك توطئة لقمة قريبة بين قادة الدول الثلاث، فى إطار هذه الآلية الثلاثية المهمة والأساسية، من أجل تعزيز التعاون التجارى والاقتصادى بين الدول الثلاث الشقيقة، والتعاون فى مجالات: البترول والغاز والمعادن، والثروات الطبيعية، وحرية انسياب التجارة، وتحديد مشروعات بعينها، ليبدأ مباشرة أعمالها، ولتعظيم استفادة الدول الثلاث وشعوبها من هذه المشروعات المشتركة.
وقال رئيس الوزراء الأردني: اتفقنا اليوم مع الأشقاء المصريين على استمرار التنسيق الدائم، وتبادل الزيارات بعيدا عن الإطار المؤسسى للجان المشتركة، وبأن يتم معالجة مختلف القضايا، أو أية عوائق قد تعترض سبيل التعاون الثنائى أو الثلاثي، وذلك عبر مقاربات وحلول مباشرة بواسطة الوزراء والمسئولين المعنيين فى البلدين الشقيقين.
وخلال كلمته، أشار الدكتور بشر الخصاونة إلى أن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أكد استعداد أشقائنا فى مصر للتواصل المباشر بين الجانبين للارتقاء بالتعاون بين البلدين، وهو ما نحرص عليه نحن أيضا فى المملكة الأردنية بشأن التعامل الفوريّ؛ من أجل الارتقاء بهذه العلاقات إلى مجالات وآفاق أرحب من مجالاتها الرحبة بالأساس وعلاقات الأخوة الاستراتيجية القائمة بالفعل.
كما قدم رئيس الوزراء الأردنى الشكر الوافر للأشقاء فى جمهورية مصر العربية على الاستجابة الفورية والمباشرة لتوفير بعض الاحتياجات الدوائية التى طلبها الجانب الأردني، والتى تكرم الجانب المصرى بالعمل على تلبيتها على الفور، وأيضا لقيامهم بالعمل على تيسير بعض الإجراءات التى تؤدى إلى تحقيق انسيابية فى التجارة والحركة التجارية بين البلدين الشقيقين.
وأضاف الدكتور بشر الخصاونة أنه أكد بدوره للدكتور مصطفى مدبولي، أن الأشقاء المصريين المتواجدين بين ظهرانينا على أرض المملكة فى صميم القلب والفؤاد، وبأنهم فى بلدهم الثاني، وأن كل أردنى يعتبرهم من أبناء أسرته الواحدة، ونحن نعتز بهؤلاء الأشقاء، ودائما سيحظون منا بكل أوجه الرعاية والمحبة، النابعة من هذه الأواصر المشتركة.
وقال الدكتور الخصاونة موجها حديثه للدكتور مدبولي: أنتم بالحق والقول والفعل فى بلدكم الثاني، مجددا ترحيبه بجميع أعضاء الوفد المصري، بقوله: “نحن نسير على الدوام فى مركب واحد نحن والشقيقة جمهورية مصر العربية، وكل الخير الذى يصيبنا أو يصيبكم، يصيب بعضنا البعض، وأنه لا قدر الله فإن أى أذى أو شر يستهدفكم أو يستهدفنا، نحن مؤمنون وعلى ثقة بأنه يستهدفنا مباشرة ونحن نتصدى له بكل الأرواح والمُهج”.