التخطي إلى المحتوى

بدأ طرفا النزاع الليبي مساء الجمعة، في جولة جديدة من الحوار الليبي – الليبي في مدينة بوزنيقة المغربية، مباحثات حول تقاسم السلطة تهدف للتوصل لاتفاق بشأن تعيين قادة جدد لمؤسسات سيادية.
وقال مصدر في وزارة الخارجية المغربية التي تستضيف هذه المفاوضات إن الاجتماع التشاوري الرابع في بوزنيقة بين مجلس النواب ومجلس الدولة الأعلى سيتم خلاله “استكمال مناقشة اختيار المرشحين لتولي المناصب العليا في المؤسسات السيادية”.

كما توقع استمرار الاجتماعات حتى الأحد، مشيرا إلى أن المغرب بمساعدته في تسيير المفاوضات يأمل في أن يتمكن الفرقاء الليبيون من وضع حد للتنافس على هذه المؤسسات و “تعيين شاغلي الوظائف السيادية قبل انتهاء المهلة التي حددتها بعثة الأمم المتحدة”، وهي ستون يوما من بدء المرحلة التمهيدية للانتخابات المقررة نهاية العام الجاري و تضمنتها خارطة طريق للحل الشامل جرى التوافق عليها في تونس.

التفاؤل سيد الموقف
بدوره، قال عضو وفد مجلس الدولة الدكتور عمر أبو ليفية في إن استئناف المشاورات في بوزنيقة يأتي وسط “أجواء إيجابية وتفاؤل باعتبار ما تم تحقيقه” في مسارين من المفاوضات الليبية هما مسار توحيد واختيار السلطة التنفيذية والمسار الدستوري، مضيفاً “نرجو استكمال هذا التقدم نحو حل الأزمة بتوافق حول المناصب السيادية” مشيدا بما أسماه “الدور الإيجابي للدبلوماسية المغربية” والمساعي الهادفة إلى إنهاء الانقسام و الفوضى والصراع على الحكم في بلاده.

وتابع “يجب علينا مراعاة التوزيع الجغرافي والسياسي في هذه المحادثات وكذلك العمل على تثبيت أركان الدولة”.

ومن المرجح أن يتم في مشاورات بوزنيقة تداول الأسماء المرشحة لتولي المناصب السيادية بالتزامن مع التقدم في تشكيل سلطة تنفيذية موحدة ودعوة الأمم المتحدة أعضاء ملتقى الحوار السياسي لاجتماع مباشر في جنيف بداية الشهر القادم لاختيار رئيس و أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس حكومة وحدة وطنية في إعادة هيكلة للسلطة التنفيذية المنبثقة عن اتفاق الصخيرات ديسمبر ٢٠١٥ و تنفيذا لمخرجات مؤتمر برلين.

من جانبه، أكد محمد الرعيض عضو مجلس النواب “طرح الأسماء في هذه المرحلة والوصول إلى توافق حولها بيننا وارد”، بيد أنه شدد في تصريحات لـ”العربية”، على أن “أي ترشيحات تبقى غير ملزمة والأولوية الآن هي الاتفاق على آلية معينة واضحة وموضوعية لتعيين قيادات المؤسسات السيادية على أن تتولى البعثة الأممية تنفيذها”.

إلى ذلك، يجمع مشاركون في مفاوضات بوزنيقة على ضرورة “توفر شروط الكفاءة الوطنية والنزاهة في شاغلي المناصب السيادية”، ويضيفون إلى هذه المعايير “التوزيع المناطقي” والأمل في إبعاد مؤسسات الدولة السيادية الحساسة عن المحاصصة السياسية والقبلية.

ومن بين المناصب السيادية التي يتعين على ممثلي الفرقاء الليبيين الاتفاق عليها هي: تعيين محافظ ليبيا المركزي ورئيس المحكمة العليا والنائب العام، ويسيطر إخوان ليبيا على المصرف المركزي، وأظهرت تقارير استغلالهم لموارد المؤسسة النقدية في تعزيز نفوذهم وتحالفاتهم المحلية والخارجية و في تمويل ميليشيات متطرفة وصفقات تسلح واتفاقيات عسكرية سمحت بتواجد قواعد عسكرية تركية في ليبيا وأججت القتال وأطالت أمد الصراع.

وشدد محمد الرعيض عضو مجلس النواب على أن تغيير محافظ مصرف ليبيا المركزي يشكل أولوية، وقال “يوجد في هذا المنصب منذ تسع سنوات والقانون ينص على تعيين محافظ جديد كل خمس سنوات”، مشيرا إلى أن “هذا المنصب مهم جدا وله تأثير كبير على استقرار ليبيا و من أكثر المناصب التي يتم التكالب عليها”.

وربط الرعيض بين “بروز دور للمحافظ خلال السنوات الماضية ووجود سوق سوداء موازية ونشطة لصرف الدولار مع فارق كبير مع السعر الرسمي للصرف”.
وكانت الجولة الأولى من الحوار بين وفدي المجلس الأعلى للدولة والبرلمان الليبي، التي عقدت في شهر أكتوبر من العام الماضي، انتهت بالإعلان عن تفاهمات أولية حول توزيع المناصب السيادية على الأقاليم الثلاثة في ليبيا (طرابلس – فزّان – برقة)، وحول المعايير والآليات التي يتعين اعتمادها لاختيار الشخصيات التي ستتولى تلك المناصب.

من ضمن ما تم التوصل إليه، الاتفاق على أن يتمتّع كل مرشح لأي منصب من المناصب السيادية بالجنسية الليبية فقط بالإضافة إلى عنصر الكفاءة والمؤهل العلمي وعدم تقلد مناصب سيادية فيما سبق، على أن تفتح عملية الترشح للمناصب لجميع الليبيين، قبل أن يتمّ فرز الملفات من قبل المجلس الأعلى للدولة والبرلمان الليبي لاختيار المرشح الأفضل والأكثر إجماعا من الطرفين.

كما شملت الاتفاقيات أيضا، التوافق على القضايا العالقة، وعلى وضع آليات لمحاربة الفساد في المناصب السيادية، وعلى الاستفادة من الخبرات الدولية لبناء مؤسسات الدولة.
والمناصب السيادية الـ7 التي يجري التفاوض بشأنها في مدينة بوزنيقة المغربية، هي محافظ المصرف المركزي ورئيس ديوان المحاسبة ورئيس جهاز الرقابة الإدارية ورئيس هيئة مكافحة الفساد، إضافة إلى رئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات ورئيس المحكمة العليا ومعهم منصب النائب العام.

ويرى مراقبون أن توصل الطرفين إلى توافق حول مسألة توحيد الأجسام القيادية للدولة وحول الأسماء التي ستتولى قيادتها، سيحقق نقلة هامة في مسار حلّ الأزمة الليبية، خاصة بعد انفراج أزمة تشكيل السلطة التنفيذية وزوال تعقيدات المسار الدستوري، واستعداد اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 لاستئناف مفاوضاتها واستكمال تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين في مدينة جنيف السويسرية.