التخطي إلى المحتوى

السيسى :شريعة الإسلام السمحة قامت على البناء لا الهدم تبياناً لقول الله تعالى “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ”

بناء الوعي الرشيد يتطلب تضافر كافة المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية للإسهام في بناء الشخصية القوية السوية والقادرة على مواجهة التحديات والتمييز بين الحق والباطل

الحريات لم تأتِ مطْلقة حتى لا تحولها أهواء النفس البشرية إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير..و ينبغي أن تقف عند حدود حريات الآخرين
لنجعل من ذكرى مولد النبي (صلى الله عليه وسلم) نبراسًا يضئ لنا الطريق لنعمر ونحقق المفهوم الحقيقي للرحمة في مواجهة جماعات القتل والتخريب

شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، علي أن الإساءة الى الأنبياء والرسل استهانة بقيم دينية رفيعة، وجرح مشاعر الملايين حتى لو كانت الصورة المقدمة هي صورة التطرف، ، مضيفاً:” لو 1% من المليار ونصف المليار مسلم كانت متطرفة يعني بنتكلم في حوالي 15 مليون دول ممكن يخربوا العالم لو حقيقي، ومعني كده ان النسبة أقل بكثير.. فلا يمكن أن يحمل المسلمون بأوزار ومفاسد وشرور فئة قليلة انحرفت.. نحن أيضا لنا حقوق في الا تجرح شعورنا ولا تؤذى قيمنا”.

وأضاف الرئيس السيسي، في كلمته بالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، بمركز المنارة اليوم، الأربعاء، أن المروءة والخلق الحسن في النهاية له السيادة فى النهاية، متابعاً: “أعتقد ولا أظنني خاطئا عندما أرى أن الاستعلاء بممارسة قيم الحرية درب من دروب التطرف عندما تمس هذه الممارسة حقوق الآخرين”.
وقال الرئيس السيسى، تعليقا عن الأزمة الخاصة بالرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، إنه يجب أن نتوقف ونتدبر الأمور التي نتحدث فيها ولا أوجه أي كلمة إساءة أو لوم لأحد ولكن بقول الأمر يتطلب مراجعة مع النفس لينا كلنا ومش بتكلم عن مصر بس.. كفي إيذاءً لنا”.

وأضاف الرئيس السيسى: “أنا بقول لكل المسلمين في مصر وبره مصر، إذا كنت تحب النبي محمد فتأدب بأدبه، وتخلق بخلقه.. بتحب النبى صحيح، وقلت الكلام ده قبل كده .. يا ترى إنت متقن لعملك.. يا ترى أنت صادق في كلمتك.. بتحترم الناس وبتحافظ على حقوقهم؟”.

وتابع الرئيس السيسى: “سعينا إلى احترام اشقائنا في وطننا.. ولما عملنا ده كان الهدف منه أننا ناكد لهم أن مساحة الاحترام والتقدير والمحبة للأخرين.. لكل الاخرين موجودة.. حتى لو فيه معتقدات أخرى احترمنها.. تم قبولها واحترامها.. لن تجتمع الناس على دين واحد.. الناس اللى في مصر وبره مصر.. أن عشت في مجتمع عليكم احترام قيمه ومبادئه”.

وأكد الرئيس السيسى، أن قضية الوعي الرشيد وفهم صحيح الدين، ستظل من أولويات المرحلة الراهنة في مواجهة أهل الشر الذين يحرفون معاني النصوص ويخرجونها من سياقها، ويفسرونها وفق أهدافهم أو يعتمدون على تفسيرات خاطئة لها، مما يتطلب الاستمرار في المهمة والمسئولية الثقيلة التي يقوم بها علماء الدين لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها، لنحمي المجتمع والدولة من مخططات التخريب، وليدرك العالم أجمع سماحة الدين الإسلامي العظيم الذي يتأسس على الرحمة والتسامح والتعايش السلمي بين الناس جميعاً.
وأضاف الرئيس السيسى ، أننا اليوم نحتفل معاً بذكرى مولد نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي أرسى بالحكمة والموعظة الحسنة دعائم وأسس عظيمة وخالدة للإنسانية جمعاء.
وتوجه الرئيس بالتهنئة لشعب مصر الكريم، ولكافة الشعوب العربية والإسلامية، بمناسبة هذه الذكرى العطرة، داعياً الله سبحانه وتعالى أن يعيدها على الشعب المصري، وعلى الأمتين العربية والإسلامية وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات.

وقال الرئيس، إن احتفالنا اليوم بذكرى مولد سيد الخلق ونبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم)، يستدعي كل معاني الرحمة في ديننا الحنيف، ويذكرنا بأن شريعة الإسلام السمحة قد قامت على البناء لا الهدم، وذلك تبياناً لقول الله تعالى “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ”، بكل ما تحمله كلمة العالمين من معاني العموم والشمول والسعة، فمقاصد الأديان قائمة على تحقيق مصالح البلاد ومنفعة العباد من خلال السماحة واليسر، وليس التطرف والتشدد والعسر.

وأشار الرئيس، إلي أن بناء الوعي الرشيد، يتطلب تضافر كافة المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية للإسهام في بناء الشخصية القوية السوية والقادرة على مواجهة التحديات والتمييز بين الحق والباطل، وبين الوعي السديد والوعي الزائف، وبين الحقائق والشائعات.

وتابع الرئيس:”إنني إذ أقدر الدور الذي تقوم به مؤسسات الدولة الدينية في نشر الفكر المستنير وتصحيح المفاهيم الخاطئة، فإنني أؤكد أننا في حاجة إلى مضاعفة الجهد المبذول من جميع مؤسسات ومنظومة بناء الوعي، للوصول إلى جميع شرائح المجتمع في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا ومنطقتنا والعالم من حولنا، وأؤكد لكم أن الدولة لن تألو جهدا في دعم الأئمة وفي توفير المناخ المناسب لأدائهم للدور المرجو منهم في المرحلة الحالية من تاريخ مصر لدعم الخطاب الديني الوسطي المستنير.”

وأكد الرئيس السيسى، أن الله سبحانه وتعالى وهبنا نعمة العقل، التي ميز بها الانسان وشرفه على سائر مخلوقاته، ودعانا من خلال تلك النعمة العظيمة إلى البحث والتدبر في ملكوت السماوات والأرض، وما يحتويه من دقة في الصنع، وإبداع في الخلق، وإحكام في النظام ، وفرض علينا أن نصون هذه النعمة المميزة والمنحة الفريدة، ونهانا عن أن نسيئ إليها بخرافات وأوهام أو أن نتبع أفكارا هدامة بتعصب أعمى أو بانصياع يسلب الإرادة والقدرة على التفكير والإبداع والعمل والإنتاج.

وأشار إلي أن رسالة الإسلام التي تلقيناها من الرسول الكريم جاءت انتصاراً للحرية، حرية الإيمان والاختيار والاعتقاد، وحرية الفكر، إلا أن تلك الحريات لم تأتِ مطْلقة حتى لا تحولها أهواء النفس البشرية إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير، كما أن تلك الحريات ينبغي أن تقف عند حدود حريات الآخرين، تحترم الجميع ولا تخرج عن المنظومة المُحكمة التي خلق الله الكون في إطارها، فما قد يعتبر قيداً على الحريات إنما يصون بالمقابل الحقوق في مواجهة الآخرين؛ مشدداً علي أن تبرير التطرف تحت ستار الدين هو أبعد ما يكون عن الدين، بل إنه مُحرَم ومُجرَم، ولا يتعدى كونه أداةً لتحقيق مصالح ضيقة ومآرب شخصية.

وأوضح الرئيس أن هذا التطرف لا يمكن قصره على دين بعينه، ففي جميع الديانات، وبكل أسف، يوجد المتطرفون الذين يسعون لإذكاء روح الفتنة، وإشعال نار الغضب والكراهية، وهي الأفكار التي لا تثمر إلا عن تغذية خطاب التناحر والحض على التباعد والفرقة، حتى أن سيرة النبي العطرة لم تسلم من ذلك التطرف.

وأكد الرئيس للجميع، أن مكانة سيد الخلق النبي العظيم في قلوب ووجدان المسلمين في كل أنحاء العالم لا يمكن أن يمسها قول أو فعل، كما أؤكد الرفض القاطع لأي أعمال عنف أو إرهاب تصدر من أي طرف تحت شعار الدفاع عن الدين أو الرموز الدينية المقدسة، فجوهر الدين هو التسامح، داعياً إلي أن نستلهم معاً في هذا الإطار الدروس والعبر من سيرة نبينا (صلى الله عليه وسلم) الذي أرسله ربه (عز وجل) ليتمم مكارم الأخلاق، فرسخ (صلى الله عليه وسلم) أسس التعايش وقبول الآخر والإيمان بالتنوع، فلا إكراه في الدين.

واختتم الرئيس السيسى كلمته بقوله:”فلنجعل من ذكرى مولده (صلى الله عليه وسلم) نبراسًا يضئ لنا الطريق، لنعمر، ونحقق المفهوم الحقيقي للرحمة في مواجهة جماعات القتل والتخريب، ولنجعل من وطننا صورة مشرقة لفهم وتطبيق صحيح الدين وتحقيق مقاصد الشرع الحنيف، حتى نبعث برسالة من مصر مهد التاريخ والحضارة الإنسانية تؤكد سماحة الأديان وتجعلها سبيلاً لسلام العالم وتراحم البشرية جمعاء”.