كتب محمد صوابى
أعلن وزير المياه والطاقة والرى الإثيوبى، سيلشى بيكلى، الانتهاء من الملء الثانى لسد النهضة، مشيرا إلى إتمام الملء جاء سريعا نتيجة للأمطار الغزيرة التى تسقط فى حوض النيل الأزرق، فى وقت أكد خبراء أن أديس أبابا فشلت فى إتمام عملية الملء الثانى للسد.
وقال بيكلى فى تغريدة باللغة الأمهرية على صفحته بموقع التدوينات القصيرة «تويتر»: «اليوم تم الانتهاء من السنة الثانية من سد النهضة.. مبروك للإثيوبيين وأصدقاء إثيوبيا»، مضيفًا أن «النتيجة حجز كمية المياه اللازمة لتشغيل توربينين».
وأشار بيكلى إلى أن أديس أبابا ستعمل بـ«جِد» لتوليد الكهرباء من سد النهضة خلال الأشهر المقبلة، مضيفًا: «لقد قمنا بالكثير من العمل هذا العام للوصول إلى هذه النقطة.. نحن نعمل بجد لإنتاج التوربينات القادمة وسنكون قادرين على إكمال ذلك فى الأشهر المقبلة».
ونشر بيكلى صورا حديثة من موقع سد النهضة تظهر فيضان المياه من أعلى الممر الأوسط، وصورا أخرى تظهر العمل الجارى لتركيب أول توربينتين لتوليد الكهرباء.
وأوضح بيكلى أن هذا العام شهد هطول أمطار غزيرة فى حوض النيل الأزرق ونتيجة لذلك امتلأ خزان سد النهضة بسرعة، ولم يذكر بيكلى فى تغريدات حجم الملء الثانى.
من جانبه، قال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقى، إن إثيوبيا فشلت فى إتمام عملية الملء الثانى لسد النهضة؛ حيث كانت تستهدف تعلية الجزء الأوسط 30 مترا إلى مستوى 595 مترا وتوقفت عند 8 أمتار فقط، بمنسوب 573 مترا بإجمالى تخزين 8 مليار متر مكعب بدلًا من 18.5 مليار.
وأوضح شراقى أن حجم التخزين الثانى يقدر بنحو 3 مليارات متر مكعب فقط، وأن إثيوبيا اضطرت للتوقف عند هذا الحد وإخلاء الممر الأوسط لسد النهضة من المعدات بسبب الفيضان، والذى يشبه «قطارا قادما لا أحد يقدر على الوقوف أمامه».
ويشرح شراقى طريقة تقدير حجم التخزين قائلًا: «هى أمور محسوبة بناءً على معادلات نقيس خلالها حجم البحيرة وحدودها، وبيان الارتفاع يوضح كمية المياه، فالوصول إلى مستوى 573 مترا يعادل كمية مياه تقدر بنحو 8 مليارات متر مكعب، ومستوى 595 مترا يعادل 18.5 مليار متر مكعب، وهكذا؛ فلكل مستوى كمية مياه محددة».
وأضاف أن هذه المعادلات تبين حجم التخزين زائد أو ناقص نصف مليار إلى مليار متر مكعب على أقصى تقدير، مؤكدا أن حجم التخزين الحالى كان مقررا لسد النهضة منذ عام 2014، وتأجل عامًا تلو الآخر، كما أن عدم تركيب توربينات توليد الكهرباء حتى الآن يشير إلى وجود مشكلات فنية، كان يكفى تخزين 4 مليارات متر مكعب تقريبا لبدء التشغيل، وهو ما لم يحدث حتى الآن، رغم وجود المياه لمدة عام.
وأشار إلى أن كل مياه الأمطار بالكامل ستفيض بدءًا من اليوم أعلى سد النهضة إلى السودان ثم مصر، فى رحلة تستغرق أسبوعين، متوقعا أن يكون فيضان النيل هذا العام متوسطا إلى أعلى من المتوسط.
يأتي ذلك فيما جدد السودان موقفه الرافض للإجراءات الإثيوبية الأحادية الجانب في سد النهضة، وما اعتبره “سياسات فرض الأمر الواقع وتجاهل المصالح المشروعة والمخاوف الجدية لشركائها في النهر”.
وأكدت وزارة الري السودانية أن هذا النهج الإثيوبي “لن يؤدي إلا إلى الإضرار بالعلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين”، وأن البديل الأفضل هو مواصلة التفاوض، بنية حسنة للتوصل لاتفاق قانوني ملزم وشامل يحافط على مصالح كل الأطراف ويخاطب مخاوفها، وبالذات التشغيل الآمن لسد الروصيرص.
وشددت الوزارة على إيمانها بأن الوقت “لم يفت بعد”، وأن التوصل للاتفاق المرجو “ضروري جدا وممكن ومتاح؛ إذا توفرت الإرادة السياسية”.
كما طمأنت الوزارة المواطنين السودانيين بأن الجهات المسؤلة قد عكفت منذ أشهر على التحسب واتخاذ الإجراءات الفنية والإدارية المناسبة للحد من الآثار السلبية الفعلية والمحتملة للملء الأحادي الجانب للعام الثاني.
وأشارت الري السودانية إلى التكلفة الاقتصادية والاجتماعية الباهظة التي تكبدها المواطنون في عجز إمدادات الكهرباء وإمدادات مياه الشرب، مضيفة أنه “لولا التحوطات الفنية بتغيير نظم التشغيل في خزاني الروصيرص وجبل أولياء لكانت النتائج كارثية لجهة توفير المناسيب المطلوبة لمحطات مياه الشرب ولتوليد الكهرباء”.