تطالعنا الأخبار يوميًّا عن المزيد من حوادث الطرق، فبالرغم من المجهودات الكبيرة التي تبذلها الدولة في تطوير البنية التحتية وتحسين الطرق، إلا أن معدل الحوادث لا يزال مرتفعًا، ومازالت الحوادث المرورية تمثل أزمة كبيرة تشعل الرأي العام، مما تسببه من وقوع عدد كبير من الخسائر البشرية والمادية لاسيما تلك التي تقع على الطرق السريعة والخارجية بين المحافظات”.
ولعل حادث الجلاله الاخير يدق ناقوس الخطر نحو هذه الظاهرة، فلدينا بيانات لا حصر لها عن معدلات حوادث طرق في كل المحافظات المصرية، وكانت بالطبع أغلبها في الطرق السريعة، ومازال الجاني في هذه الحوادث معروفاً ويتمثل في العامل البشرى أي قائد المركبة، الأكثر تأثيرا في حوادث الطرق.
فالبرغم من تحسن كفاءة الطرق بصورة كبيرة خلال الأعوام الأخيرة والذى كان يجب أن يقلّص من اعداد حوادث الطرق، إلا أن الإحصاءات تظهر أن التطور الإيجابي في هذا الصدد لم ينعكس بصورة فاعلة على تقليل الحوادث، وهذا ما اكدته بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء من خلال النشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات لعام 2023، أن عدد إصابات حوادث السير زادت في عام 2022 مقارنة بالعام 2021، بنسبة زيادة بلغت 8 %، فقد بلغت عدد الإصابات 55 ألفا و991 إصابة عام 2022، مقابل 51 ألفا و511 عام 2022.
فالتطوير الكبير الذي شهدته شبكة الطرق تسبب أيضاً في وقوع حوادث بشعة نتيجة لتوسيع الحارات من دون التركيز على تشديد الرقابة على تجاوز السرعة المحددة، إذ يلجأ كثير من السائقين إلى استخدام تطبيقات تساعدهم في تحديد مواقع الرادارات والكمائن، مما يتطلب تشديد القوانين على المخالفين والاعتماد على الكمائن المتحركة بدلاً من الثابتة، وخاصة ان الدولة المصرية وضعت السلامة المرورية وتعزيز مفهوم القيادة الآمنة على الطرق فى قمة أولويات مختلف مؤسسات وزارة الداخلية والأطراف المعنية بقطاع تنظيم المرور وحركة السير، من خلال رفع وعي المجتمع بالثقافة المرورية، ضمن الجهود الهادفة إلى الحدّ من نزف الخسائر البشرية والمادية التي تتسبب فيها الحوادث المرورية سنويًّا.
فلا يُدرك المخالف للقوانين المرورية، حجم الخسائر التي تتكبّدها الدولة بسبب سلوكه الذي يتّسم بالتقصير وانعدام المسؤولية لديه، إذْ يَبخس الجهود المبذولة لتعزيز المنظومة المرورية، وتطوير البنى التحتية الكفيلة بضمان بيئة إيجابية لسلوك مروري آمن لدى أفراد المجتمع، من دون اللجوء إلى فرض رقيب دائم على تصرفاته على الطرقات.
استطاعت الحوادث الاخيرة تسليط الضوء على الحاجة الماسة لإدخال تعديلات جوهرية على قانون المرور وتكثيف الفحوص للكشف عن تعاطي المخدرات بين السائقين وتخصيص مسارات خاصة للنقل الثقيل وفرض غرامات مضاعفة على المخالفين
.فقد صرح دكتور/ هشام عرفات – وزير النقل السابق، الى أن الخطأ البشري مسؤول عن اكثر من 80% من حوادث الطرق في مصر. بالاضافة الى ان السلوك المروري الخاطىء لدى سائقى بعض الحافلات
تتعدد أسباب وقوع الحوادث على الطرق السريعة في مصر، ومنها حالة الطرق، وعدم التزام بعض السائقين بالسرعات المقررة، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وحالة الطقس، وغياب القوانين الرادعة لبعض المخالفات الخطيرة أثناء القيادة، وغيرها، ولكن لا يزال التحقيق مستمراً … طالما الظاهرة متكررة.