يشهد المجتمع المصري وبالأخص الاسرة العديد من الضغوط والتحديات التي أفرزتها التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والتطور التكنولوجي الهائل، والذي إثر على تماسك ووحدة الاسر المصرية الامر الذي جعل من الطلاق هو الحل الامثل لتجنب المشاكل الاقتصادية والنفسية الناتجة من الصراعات في أروقة المحاكم او متنزهات الرؤية الشرعية للأبناء.
فالطلاق في حد ذاته إهدار لموارد الدولة وضياع مؤكد لأي جهود تستهدف تحقيق التنمية المستدامة ورفع جودة حياة المواطن المصري.
وقد عكست البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول معدلات الطلاق في مصر والتي بلغت 265 ألف حالة عام 2023، كانت نسب الطلاق في الحضر56.7 %، بينما بلغت نسب الطلاق في الريف 43.3%، ربما لان الريف مازال متمسكاً ببعض العادات والتقاليد التي تجعل من الطلاق “أبغض الحلال عند الله” الحل الأخير لديهم.
الرقم الأصعب هنا انلدينا حوالي 727.7 حاله طلاق يومياً بمعدل 30 حالة طلاق كل ساعة، هذا الرقم مرتفع بالنسبة لمجتمع بلغفيه حالات الزواج 388 ألف عقد زواج وذلك عام 2023، الامر بالغ الأهمية يستحق البحث والدراسة للوقوف على حجم هذه الظاهرة السلبية والبحث عن الأسباب والحلول بهدف إعادة الاستقرار للأسرة والمجتمع.
ومما لا شك فيه ان تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة وتكوين الاسرة قد نال اهتمام الدولة من خلال إطلاق العديد من المبادرات التوعوية والتي من شأنها تأهيل الشباب المصري المقبل على الزواج، من الجنسين، من أجل إعدادهم لبدء حياة زوجية ناجحة، ولعل مبادرة مودة أولى تلك المبادرات التي دشنتها وزارة التضامن الاجتماعي عام 2021، للحد من ظاهرة الطلاق المبكر بين الشباب.
هذا بالإضافة الى جهود الازهر لمواجهة ظاهرة الطلاق وخاصة بين الشباب من خلال المبادرات والزيارات الميدانية، للتوعية بأسباب الطلاق ومخاطره، وتوضيح الأسس السليمة لبناء أسرة سعيدة ومتماسكة.
ويسعى الازهر من خلال تلك المبادرات على تسليط الضوء على أهم أسباب الطلاق، وطرق علاجه، بهدف الحد من ارتفاع معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة، وذلك في إطار الدور الدعوي والاجتماعي الذي يضطلع به الأزهر، ويتضافر مع دوره التعليمي والديني.
ومن الجدير بالذكر ان هناك الكثير من علماء النفس بحثوا في دراساتهم حول اسباب الطلاق كظاهرة اجتماعية، حيث اثبتت الأبحاث والدراسات والمقابلات الشخصية ان اغلب أسباب الطلاق تتلخص في ارتفاع أعباء الزواج والضغوطات المالية وعدم قدرة الزوج على سد احتياجات الأسرة وتراكم العديد من الديون والعجز عن السداد، علاوة على الاختلافات في الميول والمستوى التعليمي والاجتماعي والتي تؤدي إلى انتهاء العلاقة الزوجية وخاصة في السنوات الأولى
كما أن سوء اختيار شريك الحياة وعدم وجود توافق في الفكر والميول والعمر والاتجاهات والطبقة الاجتماعية والتعليم يؤدي إلى حدوث تصادم بعد الزواج ليزيد بهذا نسب الطلاق، بالإضافة الى تدخل الأهل في بعض الأحيان في حياة الزوجين وتدخلهم بشكل كامل في اختياراتهم وقراراتهم الحياتية، إضافة إلى الجهل بأحكام الطلاق ومشروعيته وآدابه وطرقه الصحيحة ومراحله، والدوافع، والشكل الديني، والقيمي.
علاوة على مواقع التواصل الاجتماعي والاستخدام السيئ لها الامر الذي يزيد من معدلات الطلاق في عدد كبير من الدول، وتسبب العديد من الأزمات بين الأزواج بسبب المقارنات المستمرة مع الآخرين.
أن أغلب الأجيال الجديدة ليس لديها توازن انفعالي أو تحمل لمسؤوليات الحياة، نتيجة إتاحة الأهل كل طلباتهم، ونذكر العديد من حالات الطلاق كانت بسبب العنف بين الأزواجفطبقاً لنتائج المسح الصحي للأسرة المصرية 2021، وجد ان حوالي ثلث السيدات اللاتي سبق لهن الزواج من السيدات اللاتي شملهن عينة المسح، وفي العمر 15 -49 سنة قد تعرضن لصورة من صور العنف من قبل الزوج.
ويؤكد الخبراء والمتخصصين في العلوم النفسية والعلاقات الاسرية، أن المجتمع في حاجة ملحة لمراكز إعداد وتأهيل الشباب المقبلين على الزواج حيث إنها ستجعل الشباب يقبل على الزواج وهو مؤهل بشكل جيد للحياة الجديدة، ويعرف كيفية التعامل مع الطرف الثاني كما أنها ستساعد الشباب على معرفة طرق حل المشاكل الزوجية بطريقة سليمة ومتقدمة.