قال المدير الإقليمي للبنك الدولي لمنطقة المغرب العربي ومالطا، جيسكو هينتشل، إن هذه الدولة “تحتاج بشدة إلى مؤسسات موحدة، وإدارة جيدة، وإرادة سياسية قوية، وإصلاحات طال انتظارها”.
وحذر البنك الدولي من مواجهة ليبيا “تحديات اقتصادية هائلة”، في ظل تفكك مؤسسات الدولة وتحديات اجتماعية، مع توتر الأوضاع السياسية، مشيرا إلى الحاجة اهتمام “عاجل بتلك الملفات.
وكشف تقرير صادر مؤخرا عن المرصد الاقتصادي الليبي، التابع للبنك الدولي، أن أداء اقتصاد البلاد في معظم العام 2020 هو الأسوأ في آخر السنوات، في ظل مشكلات في قطاع النفط، وأيضا تأثر البلاد بجائحة فيروس “كورونا” المستجد، ما “تسبب في مزيد من الاضطراب الاقتصادي والاجتماعي”، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام نفسه.
ورغم التقديرات الإيجابية بشأن تعافي الاقتصاد الليبي خلال العام 2021، فقد نبه التقرير إلى أن النمو في القطاعات غير النفط ظل ضعيفا، يعوقه الصراع المستمر، وسوء الخدمات، بما في ذلك قطاع الطاقة، ومع استمرار الجائحة.
توصية باستثمارات عاجلة
وأوصى البنك بحاجة البلاد إلى استثمارات عاجلة في البنية التحتية، والمساعدة الاجتماعية للفئات الضعيفة، بما في ذلك حملة تطعيم ضد الجائحة أكثر فعالية وانتظاما، مع محاولة احتواء الصراع في البلاد، وتحسين الظروف الأمنية في أجزاء كبيرة من البلاد، بما قد يسهم في تحسين توفير الخدمات العامة وتهيئة الظروف لتحقيق انتعاش سريع في القطاعات غير النفط.
وأكد البنك الدولي التزامه بدعم ليبيا من خلال المساعدة الفنية والخدمات التحليلية، إضافة إلى تمويل الصناديق الائتمانية والمنح، مركزا على شقين الأول تسريع الانتعاش الاقتصادي، والثاني استعادة تقديم الخدمات الأساسية، حيث يعمل عبر برنامج خاص على إجراءات تحسين الحياة بشكل ملموس.
وسبق أن نبه صندوق النقد الدولي، إلى حاجة ليبيا لإصلاح نظامها الاقتصادي بشكل هيكلي، وسط مخاوف من تبعات الأزمة الأوكرانية والتضخم الذي ضرب دول العالم بعد وباء كورونا.
وجاءت توصية المؤسسة المالية الدولية، خلال لقاء أجري في مطلع مارس الماضي، مع مسؤولين في المصرف المركزي الليبي، حيث حث مسؤولو الصندوق “المركزي” على اتخاذ إجراءات من شأنها إنهاء ازدواج أسعار العملات الدولية، حيث تتسبب السوق السوداء في تسرب العملة الصعبة، بما يكبد الدولة الليبية خسائر كبيرة، وذلك أخذًا بتجارب البنوك المركزية الأخرى حول العالم، وفق مصادر لـ”سكاي نيوز عربية”.
كما أشارت المصادر إلى توصية الصندوق باتخاذ آليات نقدية أكثر انضباطًا وحزمًا، بما يسمح بمواجهة حقيقية للفساد، وتحسين إجراءات الرقابة المصرفية، وفتح باب النقاشات مع مؤسسات الدولة الأخرى؛ لتقييم بعض السياسات المالية والتجارية، والوضع الاقتصادي بشكل عام.
ويرى أستاذ التمويل ومؤسس سوق المال الليبي سليمان الشحومي إن المخرج الحالي للوضع الاقتصادي المتأزم في ليبيا يتمثر في إقرار البرلمان الموازنة العامة مع تقييد الإنفاق بشرط الرقابة المسبقة، على أن يتوقف الإنفاق على التنمية وبند الطوارئ في ظل تهتك وضعف مؤسسات الدولة، غير القادرة على إدارة عمليات التنمية، والغارقة في الفساد.
وأشار إلى إمكانية إشراك مكاتب محاسبة وطنية وفقا لمعايير وقواعد محددة في عملية الرقابة والمراجعة المصاحبة للمؤسسات الحكومية، ضمن مشروع وطني لتعزيز الشفافية وحماية المال العام، مشددا على ضرورة التركيز على تنمية وتحسين استدامة النفط والغاز ومشاركة الجميع في الهدف الأساسي وهو ترميم الاقتصاد الليبي وإعادة الاستقرار.
وحمل الشحومي الحكومة منتهية الولاية، مسؤولية ما وصلت إليه البلاد، برفضها التسليم السلمي للحكومة الجديدة، لتجر البلاد الي عودة حالة الاستقطاب والمشهد المتكرر للصراع، وجعلت الليبيين أقرب الي عودة المواجهات المسلحة مرة أخرى، لتستمر ليبيا في الدوران بحلقة مفرغة.